Tuesday, September 18, 2007

قصاقيص صائم.. الصيام الاقتصادي

ضمان توافر السلع واستقرار أسعارها

طلب رئاسي بتأمين السلع الأساسية

ياميش بثمانين مليون دولار

تلك عينة من عناوين الصحف الرئيسية على مدار الأسبوعين الماضيين.. وأحسب أن هذا النوع من التصريحات قد يدفع قارئها، إن كان من غير سكان المنطقة، إلى التساؤل عن هذه الحرب المدمرة التي يستعد لها هذا البلد بادخار الزاد، واجراءات الاستعداد وشحذ العتاد!

اللطيف في الأمر أن حالة الطواريء هذه تعلن سنويا، كجزء من مراسم استقبال شهر رمضان، الذي من المفترض أن الاستهلاك الغذائي ينخفض في أيامه إلى النصف، إن لم يكن أقل قليلا.

ولكن ما يحدث في بلاد المسلمين أمر، وما يدعوهم إليه الإسلام أمرا معاكسا تماما؛ فتجد أن معدلات الاستهلاك آخذة في الارتفاع بشكل جنوني بحلول الشهر الكريم، لدرجة أن تصدر حكوماتهم في مثل هذا التوقيت من كل عام، نسخ طبق الأصل من هذه التصريحات الملتهبة، حول مدى الدعم والسند الذي توفره وتقدمه، لملء الأفواه بمختلف أنواع الأطعمة، من لحظة إنطلاق آذان المغرب، وحتى شروق شمس اليوم التالي.. بلا انقطاع.

ورغم تلك المقولات المؤثرة التي نسمعها في كل حين ومكان، وبكل زمان وأوان، حول دوران شعوبنا في فلك الدين، ومدى استمساكهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها؛ إلا أن الواقع يأتي لنا بحقائق مغايرة لهذه الشعارات العاطفية، التي نسيت أن تذكر أن دين هذه الشعوب صار هواها، قبل أن يتحقق بالتشريع السماوي هُداها.

فمن القائل بأن رمضان هو عيدا للمائدة؟ بدلا من أن يكون عيدا لترشيد الاستهلاك، وتدريب على بغض الإسراف؟

مرة أخرى.. سطحية تناول الأمور

أجد نفسي عائدا من جديد إلى دائرة السطحية، متهما إياها بالوقوف وراء سقطاتنا، وبأنها استشرت في كل أمور حياتنا.. فكل مناسبة عندنا أصبحت عيدا، وكل عيد له طعامه؛ ولا تخبرني عن الحكمة من الاحتفال بهذه المناسبة، ولا السبب الذي جعل منها مناسبة.. بل إسألني عن طبق الأرز الذي ألصق بعاشوراء، وعرفني بحلوى المولد النبوي، وأرسل لي أطنانا من الفواكه والبقوليات لأتأكد من قدوم شهر الصوم عن الطعام.. الأدهى من ذلك، هو أن طعامنا ليس من نتاج أرضنا، ولا حلوانا من عمل أيدينا.. ولا عجب من عروسة المولد الصينية.. وفانوس رمضان الذي يحمل ختم شنغهاي!

يدفع التأمل في حقيقة مرور شهر الصيام سنويا على أمة المليار ومائتي مليون نسمة، إلى التساؤل عن فوائد ومنافع جمة، انقلبت إلى نقم وأزمات اقتصادية!!
فبدلا من القيام بما يشبه الادخار الجماعي، تصيبنا حالة من الهلع الغذائي، ويزيد استهلاكنا عن المعتاد، بل ونستورد أطنانا من رفاهيات الطعام.. التي عادة لا تجد لها مشتري في غير أيام رمضان!

وإن ضربنا بصلاة التراويح مثالا.. فهي سنّة يمارسها المسلمون بلا تفكر في خواصها.. هل فكر أحدهم من قبل في جدوى هذا البرنامج الصحي الذي يتميز بقلة الطعام وكثرة التكليفات؟ لا حاجة لسماع إجابة لن تأتي أبد الدهر على ما يبدو.


وكما كتب صلاح جاهين في أعماله.. وعجبي!


No comments: