Thursday, September 13, 2007

قصاقيص صائم.. ما فات


أطال الله في أعمارنا وأكرمنا ببلوغ شهر رمضان من جديد، الذي ما يلبث أن يطل علينا ببشائره وبركاته، حتى نراه ململما لأيامه، منسحبا من حياتنا سريعا، كما زارنا سريعا.

علامة الاستفهام التي علقت في ذهني، بمجرد دخول أجواء الشهر المبارك، بآداء صلاة التراويح الأولى في ليلة الرؤية، دارت حول عدد الفرص وأبواب الخير المفتحة، التي تعرض على الإنسان طوال حياته على الأرض.. ثم يأتي بعد ذلك متذمرا لضيق الحال، وبعد المنال، وخياب الآمال.


فكم مرة قد مرّ علينا الشهر الكريم مرور الكرام، دون أن نستغل الفرصة السانحة لنا، للنهل من منبع الخيرات هذا، ومهرجان البركات المنزلة، المعروف باسم: رمضان؟.. أحسب أن تساؤلا كهذا سيدفع كل إنسان صادق مع نفسه، أن يعيد النظر فيما فاته، وما انقضى؛ ليراجع ذاته، ويدقق حساباته، ليصحح ما انحرف، ويصلح ما انكسر، ويكمل ما نقص.

من هنا سأحيد لتناول الشهر الكريم من زاوية الاستفادة القصوى من ما يقدمه لنا من فرص، التي لا نعلم هل ستكرر من جديد، أم..


ما فات


خلق الله الإنسان وأودع في عقله الذاكرة، لأغراض عديدة، من بينها: تذكر ما فات، ومقارنته بالآن، لمعرفة ما إذا كان الحال في تحسن وارتفاع، أم تقهقر وارتجاع.


توفر شعيرة الصوم للمؤمن مناخا روحيا ونفسيا يجعل من مهمة الإصلاح والتعديل أيسر مما هي في الظروف العادية.
فالصوم عن الطعام، يضعف البدن وقتيا، ليشتد عوده دائما، فيصبح أقوى على مقاومة المغريات المختلفة والمتنوعة، التي يزخر بها عالمنا طوال أيام العام، لا في خلال رمضان فقط.

وصوم النفس عن الزلات، يضيّق عليها، وينشط ضميرها، ويوقظ همتها، لمجابهة الصعاب، واستقبال التحديات، بقدرة أعلى على السيطرة، وجلد أعلى للمثابرة.

المؤمن الفطن، هو من ينتهز فرصة ضعف بدنه المؤقت، وضيق نفسه، ليعيد ترتيب البيت من الداخل.. فكما يطرق الحديد وهو ساخن للينه، فيسهل تشكيله.. يدرب المؤمن بدنه ونفسه في أوقات الصوم، وهما في حالة ضعف ولين، نتيجة لصيامهما، والتضييق عليهما، فيسهل تشكيلهما من جديد، كما يشكل الحديد وهو ليّن.

فلنتذكر ما فاتنا من فرص، لنعرف قيمة الفرصة التي بين أيدينا.. ونعمل لنيلها كما ينبغي.
لنتذكر ما فات من أعمالنا.. لنندم ونتوب على ما أخطأنا فيه.. ونكمل ما وجدنا أننا قد أحسنا فيه.
بتذكر ما فاتنا.. سنقارن أحوالنا، لنرى رسما بيانيا لإيماننا، فهل هو مزدهر في صعود؟.. أم هو منحدر إلى الهاوية.

ومع تذكر ما انقضى.. علينا أن نفكر؛ ما سنصلح في ذواتنا؟ وما سنكمل في صفاتنا؟ وليكن هذا عنوان جديد، في يوم جديد، بمشيئة الرحمن.

No comments: