Sunday, December 24, 2006

الديسكو الإسلامي: فكرة طائشة

حقيقة لم أستسيغ الأمر من بدايته، خصوصا وأن هذا ليس الوقت المناسب للبحث عن مثل تلك الأمور والمرأة الملتزمة عليها الكثير من المسئوليات والأدوار التي ينتظر قيامها بها قبل التفكير في إتاحة البيئة المناسبة للرقص بعيدا عن أعين الرجال!
أولا، من المتعارف عليه أن الموسيقى والرقص من الأمور التي أحدثت ومازالت تحدث اختلافا وانشقاقا كبيرا بين الفقهاء والعلماء.. وبالتالي أرى أن الحديث في تقنين وإنشاء أماكن فعلية (للملتزمات) للرقص ولو بعيدا عن العيون المتلصصة سيكون تخطيا للمرحلة التي يجب أن تسبق ذلك، ألا وهي الاعتراف بالموسيقى والرقص شرعا، وهو من الأمور الجدلية التي لا أرى أنها ستحسم قريبا.
ثانيا: بناءا على ما سبق، سنجد أن تلك الأماكن لن تشمل جميع الفتيات، بل ستكون مقصورة على المقتنعين بتحليل الموسيقى بل والرقص أيضا!
ثالثا: فكرة المرقص مستقاة أساسا من الفكر والثقافة الغربية – القائمة على النظام في كل شيء – والتي تتعامل مع الإنسان على أنه آلة إنتاجية منضبطة في مواعيدها وحجم إنتاجها – مما يولد ضغطا شديدا على الأفراد وأوجد الحاجة إلى توفير مساحة لتفريغ هذا الضغط النفسي والعصبي بلا قيود، ولهذا أنشئ المرقص.أما عن حالنا المعاصر، فنحن نسبح في بحور من العشوائية في كل شيء فلا أرى داعي لتخصيص المزيد من الأماكن لممارسة الأنشطة العشوائية.
رابعا: وبما أننا صرنا أمة عشوائية، فأخشى أن تنجرف جميع المشاركات إلى اتخاذ مثل هذه الأماكن كوسيلتهن الوحيدة للترفيه عن أنفسهن قبل أن يتعدى الأمر مجرد الترفيه ويصير إلى ما يشبه الإدمان، فيضيع المزيد من الوقت المهدر.
ولهذا اقترح بدائل، تشجع على النظام والالتزام بالتعليمات وتثري الوعي بروح الفريق وتكسب المشاركين ثقة بالنفس: وهي المشاركة في تدريبات منضبطة للفنون والرقصات الشعبية أو الحديثة – مع استبعاد الحركات أو الرقصات التي قد تشتبك مع الضوابط الشرعية -، وأيضا ممارسة الرياضة بصورها المختلفة خصوصا الجماعي منها، ويراعى التركيز على زيادة الوعي بمثل تلك الأنشطة في المدارس والمراحل التعليمية المبكرة

الدعاة والإعلام الجديد

قليلة هي الاختراعات والاكتشافات التي غيرت من أوجه الحياة بشكل جذري على مدى تاريخنا المعروف على الأرض. وقد يختلف المحللون والمفكرون في مدى أهمية وقوة تأثير العديد من اختراعاتنا -نحن البشر- ولكنهم يتفقون جميعا على أهمية اكتشاف كيفية إيقاد النار، واستخدام الفحم كمصدر للطاقة، واختراع المصباح الكهربائي.. وأخيرا: الفضائيات والإنترنت.
لقد أدى انتشار الإنترنت والفضائيات سريعا في جميع أنحاء العالم إلى تعظيم دورها في نقل المعلومة، وعرض وجهات النظر المختلفة، ومع تنامي هذا الدور صار لهذه الوسائل الجديدة أهمية إعلامية تعد في المرتبة الأولى عالميا؛ حتى أصبحت أداة رئيسية من أدوات الحياة في عصرنا. ومنذ دخول المسلمين إلى هذا المجال، وجدت الدعوة آفاقا جديدة لتنطلق من خلالها في الفضاء الإعلامي، وهذا ما قام به عدد من الدعاة بنجاح ملحوظ، خصوصا في الفترة الأخيرة.

بداية أحب أن أوضح أن حصر المسألة في حدود أشخاص بعينهم لا تقارب الصواب بل تحيد عنه، لأن النشاط الدعوي على الفضائيات والانترنت لم يقتصر على دعاة بعينهم، بل هناك مؤسسات ضخمة تقوم بدور دعوي متكامل على الإنترنت، كموقع إسلام أون لاين وموقع الإسلام اليوم وكذلك موقع الشبكة الإسلامية إسلام ويب وقنوات الرسالة وإقرأ وسمارت. ومن ناحية أخرى نجد أن الكثير من الدعاة لهم مساحة على شاشة الفضائيات ولكن الإختلاف من داعية لآخر يكمن في مدى فاعلية ما يقوم به الداعية في إطار المساحة الموفرة له.. وقد يختلف البعض في كيفية قياس فاعلية دور موقع أو برنامج داعية عن غيره، ولكني أحسب أن المقياس الحقيقي لنجاح الداعية في نشاطه الدعوي على الإنترنت هو مدى تفاعل الجمهور مع برنامجه أو موقعه، وكذلك مدى تحول ذلك التفاعل إلى نشاط حي على أرض الواقع.
ولهذا نجد موقع الأستاذ عمرو خالد في المقدمة بقاعدته الجماهيرية العريضة، ويذكر أيضا الدكتور جاسم المطوع ونشاطه التوعوي، وكذلك الدكتور وائل أبو هندي وموقعه مجانين. أما على المستوى الدولي يبرز موقع الكاتب التركي هارون يحيى وكذلك الداعية فتح الله جولن والداعية الأميركي يوسف إستس.
ما يسوء تجربة الكثير من الدعاة مع الوسائل الإعلامية الحديثة، هو اكتفائهم بالإلقاء والتلقين – والتي أحسبها مشكلة نعاني منها في جميع المجالات الثقافية والتعليمية – وعدم إدراكهم لأهمية وخطورة الأداة المسخرة لهم، فبدلا من تفعيل الجمهور وإشراكه في برامجهم التليفزيونية وإبراز نشاطه ومدى تجاوبه مع ما يقومون بالدعوة إليه، يكتفوا بتلقي الاتصالات التليفونية واعتبارها دليلا على نجاح البرنامج.

ولهذه الأسباب نجد الأستاذ عمرو خالد متميزا في أداء رسالته الإعلامية، فهو لم يكتفي بدور الملقن أو القصاص، ولا بدور المستشار الفضائي المباشر، ولكنه تعدى ذلك إلى تكوين قاعدة جماهيرية متميزة تقوم بأعمال إيجابية واجتماعية على أرض الواقع تحت اسم صناع الحياة. ووفر على موقعه الإليكتروني وسيلة تفاعلية تتيح تعاون مجموعات عمل صناع الحياة في مختلف الدول بتبادل الخبرات والآراء وكذلك توثيق التجارب التي قاموا بها.

أما عن الدكتور وائل أبو هندي الذي أسس موقع مجانين انطلاقا من إدراكه لمشاكل مجتمعاتنا وخطورة بقاء هذه المشاكل دون التصدي لها، نستطيع أن نقول بنجاح تجربته بشكل لافت وهذا يرجع للتفاعل الغير عادي لجمهور الموقع وتزايدهم بوتيرة سريعة مما كشف عن صحة رؤية مؤسسه ويثبت نجاح مجموعة المستشارين المتميزين القائمين على التفاعل مع جمهور الموقع.

وهناك من المتخصصين من اقتحموا مجال الدعوة بتخصصهم، مثل الدكتور جاسم المطوع الذي لم يتوقف عند إلقاء محاضرات لعدد محدود من الجمهور بل تعدى ذلك إلى استخدام الفضائيات والانترنت لتفعيل الجمهور والوصول برسالته لعدد أكبر من الناس، وهذا النوع من الدعاة هو ما يحتاجه أبناء الأمة في لحظتنا هذه، لإعادة بناء عقولهم وأفكارهم وتغيير نظرتهم للحياة لتكون في صورة أكثر إيجابية.

وعلى المستوى الدولي يذكر الكاتب هارون يحيى والداعية فتح الله جولن الذين يوفروا قاعدة بيانات كاملة ومتميزة لكتاباتهم وإنتاجهم باستخدام أحدث ما توفره الوسائط المتعددة وبلغات مختلفة، وهذا ساعد فعليا في انتشار أعمالهم على نطاق واسع من الشرق إلى الغرب. وأيضا الشيخ يوسف إستس الذي يتوجه بدعوته إلى الناطقين بالانجليزية يوفر على موقعه جميع محاضراته ويوفر أيضا قاعدة تفاعلية إليكترونية لجمهوره لتلقي تساؤلاتهم وكذلك عقد لقاءات دورية مباشرة معهم، هذا غير برامجه التليفزيونية.
مما سبق نستطيع أن تخرج بخلاصة تفيد بأن المقياس الحقيقي لنجاح الداعية هو مدى اهتمامه بالوصول لجمهوره يشتى السبل، ومدى تفاعل الجمهور معه، وإن كان الداعية يهدف إلى تحفيز الجمهور لخدمة مجتمعاتهم المحيطة بشكل فاعل أم لا.