حقيقة لم أستسيغ الأمر من بدايته، خصوصا وأن هذا ليس الوقت المناسب للبحث عن مثل تلك الأمور والمرأة الملتزمة عليها الكثير من المسئوليات والأدوار التي ينتظر قيامها بها قبل التفكير في إتاحة البيئة المناسبة للرقص بعيدا عن أعين الرجال!
أولا، من المتعارف عليه أن الموسيقى والرقص من الأمور التي أحدثت ومازالت تحدث اختلافا وانشقاقا كبيرا بين الفقهاء والعلماء.. وبالتالي أرى أن الحديث في تقنين وإنشاء أماكن فعلية (للملتزمات) للرقص ولو بعيدا عن العيون المتلصصة سيكون تخطيا للمرحلة التي يجب أن تسبق ذلك، ألا وهي الاعتراف بالموسيقى والرقص شرعا، وهو من الأمور الجدلية التي لا أرى أنها ستحسم قريبا.
ثانيا: بناءا على ما سبق، سنجد أن تلك الأماكن لن تشمل جميع الفتيات، بل ستكون مقصورة على المقتنعين بتحليل الموسيقى بل والرقص أيضا!
ثالثا: فكرة المرقص مستقاة أساسا من الفكر والثقافة الغربية – القائمة على النظام في كل شيء – والتي تتعامل مع الإنسان على أنه آلة إنتاجية منضبطة في مواعيدها وحجم إنتاجها – مما يولد ضغطا شديدا على الأفراد وأوجد الحاجة إلى توفير مساحة لتفريغ هذا الضغط النفسي والعصبي بلا قيود، ولهذا أنشئ المرقص.أما عن حالنا المعاصر، فنحن نسبح في بحور من العشوائية في كل شيء فلا أرى داعي لتخصيص المزيد من الأماكن لممارسة الأنشطة العشوائية.
رابعا: وبما أننا صرنا أمة عشوائية، فأخشى أن تنجرف جميع المشاركات إلى اتخاذ مثل هذه الأماكن كوسيلتهن الوحيدة للترفيه عن أنفسهن قبل أن يتعدى الأمر مجرد الترفيه ويصير إلى ما يشبه الإدمان، فيضيع المزيد من الوقت المهدر.
ولهذا اقترح بدائل، تشجع على النظام والالتزام بالتعليمات وتثري الوعي بروح الفريق وتكسب المشاركين ثقة بالنفس: وهي المشاركة في تدريبات منضبطة للفنون والرقصات الشعبية أو الحديثة – مع استبعاد الحركات أو الرقصات التي قد تشتبك مع الضوابط الشرعية -، وأيضا ممارسة الرياضة بصورها المختلفة خصوصا الجماعي منها، ويراعى التركيز على زيادة الوعي بمثل تلك الأنشطة في المدارس والمراحل التعليمية المبكرة